وصف عميد المحامي حاتم المزيو ما يمرّ به قطاع المحاماة بـ”الظرف الصعب”.
واعتبر أن محاكمة المحامي عبد العزيز الصيد هي محاكمة للمحامين ولحق الدفاع.
وبيّن العميد أن ما ينسب إلى عبد العزيز الصيد أنه دافع بكلّ أمانة وبكل قوّة عن منوّبيه بقطع النظر عما ارتكبوه من جرائم.
وأشار المزيو إلى أن المتهمين قد يكونون أخطر المجرمين لكن المحامي يحمل رسالة الدفاع، فلا وجود لمحاكمة عادلة دون دفاع ودفاع حرّ، وفق تقديره.
الدفاع حقّ مقدّس
وجدّد العميد التذكير بأن حق الدفاع حقّ دستوري مقدّس، وقال: “منذ الاستقلال كنّا نحذّر من أن أي مساس بالمحاماة هو مساس بحقّ الدفاع وهذا الحقّ دستوري”.
وشدّد العميد على أنه لا مجال لأن يحاكم أي إنسان ولو ارتكب أكبر جرائم دون تمتّعه بحقّه في الدفاع.
وانتقد حاتم المزيو، في حديث إلى بوّابة تونس، جزءا من الشعب التونسي “الذي فقد البوصلة” ويطالب بالمحاكمات الشعبيّة و”تعلق الناس بالساحات”.
واعتبر أن ذلك تجاوزه الزمن، قائلا: “لسنا في القرون الوسطى نحن في دولة مدنية فيها ديمقراطية وفيها قضاء”.
وأردف: “هذا ما توصلت إليه البشرية ولسنا على استعداد للتراجع عنه أو المساس به”.
وأضاف: “أي شخص يمكن أن يجد نفسه لأي سبب من الأسباب أمام المحكمة وسيحتاج حينها إلى محام يقوم بواجبه بكلّ أمانة لأنه يربطه بموكّله عقد على كل طرف أن يوفي بالتزاماته فيه”.
وبيّن العميد أن إيفاء المحامي بالتزاماته يكون بإتمام واجبه على أكمل وجه.
وذلك بتمام الأمانة التي تقتضي، وفق أحكام الفصل 243 في مجال الالتزامات والعقود، الدفاع بصوت عال وحرّ.
وأن يقوم المحامي بكل ما يتوجّب عليه من طعن بالتدليس أو طعن بالكذب والتزوير وكل ما يخوّل له دفع التهمة عن موكّله.
واعتبر أنه في غياب الضمانات لذلك لم يعد هناك مجال للحديث عن محاكمات عادلة وأنّ على المحامي البحث عن مهنة أخرى، وفق تعبيره.
وبيّن أن عبد العزيز الصيد يحاكم اليوم لأنه احترم قسم المحاماة.
القسم يقول هذا.. أقسم بالله العظيم أن يقوم بأعماله بتمام الأمانة والشرف وأن يحترم القانون وأن يحترم رسالة المحاماة النبيلة وقيمها.
لحظة تاريخية والقضاء في امتحان
وشدّد العميد على أن المحاماة تعيش بهذه المحاكمة لحظة تاريخيّة ستضع القضاء مرّة أخرى أمام امتحان ولحظة فارقة مثلما سبق له أن مرّ بها قبل الثورة وبعدها.
ودعا القضاء إلى إصدار قرار ليس مساندا للمحاماة لكنه مساند للحق وحقوق المواطن في أن يكون لديه محام قويّ وحرّ وجريء وشجاع وينطق ويساعده ويدافع عنه ويشارك في إقامة العدل كما ينص على ذلك القانون.
وفي تعليقه على نفي الوكالة العامة لوجود استهداف ممنهج للمحامين قال حاتم المزيو في حديثه إلى بوّابة تونس، إن الإحصائيّات والأرقام تتحدّث وحدها.
وبيّن أن المحامين كما المواطنين، هناك من يخطئ إما عن حسن نيّة أو سوء نيّة، وأن المحاماة أكثر قطاع يؤدّب منظوريه، لافتا إلى وجود 20 قرار تأديب كل شهر بالتجميد أو الإيقاف عن العمل.
وقال العميد: “لا ننفي وجود هذه التجاوزات، نحن جسم متحرّك والذي يعمل هو الذي يخطئ”.
وشدّد العميد على ضرورة محاكمة كل من يرتكب خطأ ليس في إطار عمل الدفاع.
وأعرب المزيو عن تفهّمه لهذه الإحالات رغم وجود إمكانيّة البحث عن تسوية عن طريق الصلح وليس باللجوء الآلي إلى الإحالة على القضاء.
وقال: “عندما كنت رئيس فرع أكثر من 95٪ من الخلافات تنتهي بالصلح”.
الإحالة سيف مسلّط على المحامي
واعتبر العميد أن سيف التحقيق أصبح مسلّطا على المحامي بعد أن أصبحت الوكالة العامة تحيل المحامي في قضيّة آليّا على التحقيق دون بحث أو تثبّت.
وبيّن أن هناك عشرات الإحالات في الشهر وأن هذا لا يقلق القطاع لكن ما يقلق فعلا هو الإحالات في علاقة بالدفاع والمرافعة والقيام بالمهنة.
وقال: “بما أننا أصبحنا نحيل المحامين بسبب تقاريرهم أو مرافعاتهم الشفاهيّةالتييقدمونها أمامالمحكمة، فهذا أخطر ما يكون”.
وقال حاتم المزيو: “هذا الذي نرفضه، نرفض أن تتراجع بلادنا إلى مربّع تصفية الحسابات ونريد أن تكون بلادنا حقيقة واحة من الديمقراطية فيها احترام للمواطن فيها احترام لحق النقد وحق الاختلاف”.
وتابع: “فيها أجواء مدنية تمكّننا من إدارة خلافاتنا واختلافاتنا بكل أريحية وبكل مدنية دون اللجوء إلى سيف المحاكمات والإيقافات وغيرها”.
واستنكر العميد التضييقات التي يتعرّض لها المحامون ومحاولات تشويه سمعتهم.
دور المحاماة الوطني
وصرّح قائلا: “هذا أصبح استهدافا وتشويها لقطاع وطني يقوم بدور مهم على مستوى الدفاع عن الحريات والحقوق لكن حتى على المستوى الاقتصادي وعلى مستوى التنمية والاستثمار”.
وحذّر العميد من أن استهداف المحاماة سيعرقل تطوّر البلاد، وأن استهداف المحاماة استهداف للعدالة وللقضاء.
وبيّن أن بلدا قد يملك أحسن القوانين لكن دون عدالة لن تكون به تنمية ولن يطمئن له المستثمرون ولن يقوموا بالاستثمار فيه، وفق تقديره.
وشدّد على أن كل هذه التصريحات مدعومة بإحصائيّات وأرقام.
وأشار إلى أن الهيئة ستعقد مؤتمرا صحفيّا للكشف عن هذه الإحصائيّات لتثبت للرأي العام أن المحاماة تتعرّض لاستهداف ممنهج.
وقال العميد: “اليوم بعد مرور أكثر من 13 سنة على ثورة الحرية والكرامة من حق شعبنا أن يأمل وأن يرى أمام عينيه دولة مدنية راقية ديمقراطية مزدهرة فيها رخاء فيها حرية فيها عدالة فيها مساواة فيها استقلال قضاء مثلها مثل الشعوب المتقدمة التي لا تختلف عنا في شيء”.
ودعا العميد في ختام حديثه إلى بوّابة تونس، الجميع إلى مواجهة الواقع بكل صراحة والتفاعل الإيجابي وإصلاح البلاد.
وختم بالقول: “المحاماة لن تسقط، سنخاطب الشعب ونصارحه وسنعمل على المشاركة في إصلاح البلاد”.
وتابع: “وإن تمّ استبعادنا فلن نسكت وسنصعّد وسنتمسّك بدورنا الوطني الذي منحنا إياه التاريخ والشعب في أكثر من محطّة تاريخيّة ولن نستغني عنه مهما كان الثمن ومهما طالنا الاستهداف”.
التعليقات