عبرت منظمات حقوقية تونسية ودولية عن مساندتها للناشطة النسوية بشرى بلحاج حميدة، على خلفية تتبعها في إحدى قضايا “التآمر على أمن الدولة” المتهم فيها 52 شخصًا، والتي تم ختم الأبحاث فيها منذ أيام قليلة بتوجيه تهم تتعلق بـ”تكوين وفاق إرهابي والتآمر على أمن البلاد وارتكاب فعل موحش في حق رئيس الجمهورية وغيرها من التهم التي تصل عقوبتها حد اﻹعدام”.
وأعلنت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، أمس، عن تنظيم تحرك احتجاجي أمام محكمة الاستئناف بتونس الخميس 2 ماي 2024، لمساندة بشرى بلحاج حميدة، التي وجهت لها في قرار ختم البحث في القضية المذكورة، 17 تهمة.
وقالت الجمعية في بيانها إن بشرى بلحاج حميدة “وجدت نفسها متهمة في قضية واهية وملاحقة من أجل إعلائها صوت الحق أمام الاستبداد”، وفق تعبيرها.
- الديناميكية النسوية: توجيه 17 تهمة لبشرى بلحاج حميدة دون تقديم أدلة وبراهين
وقالت الديناميكية النسوية (ائتلاف لمجموعة من الجمعيات والمنظمات)، الثلاثاء 30 أفريل المنقضي، إنها تتابع بانشغال عميق وقلق شديد تطوّرات ما يسمّى “بقضية التآمر” التي جمّع فيها تقرير ختم الأبحاث 52 متهمًا في ملف واحد “دون أن يكون هناك خيط ناظم بين جميع المتهمين، سواء الموقوفين أو ممن ما زال في حالة سراح أو ممن اعتبروا في حالة فرار”، وفق تعبيرها.
وذكرت الديناميكية، في بيان لها، أنّ “صدور تقرير ختم الأبحاث جاء قبيل أيّام قليلة من انقضاء المدة القانونية للإيقاف التحفظي لعدد من الموقوفين على ذمة هذه القضية، وبعد استشراء الشائعات في وقت مُنع فيه التداول والنفاذ إلى المعلومة الدقيقة والواضحة، وانتشرت فيه ثقافة التخوين والشيطنة والسحل الالكتروني والتنكيل بالمختلف وبالمعارض بشتى السبل، واستمرار حملات التشويه والاتّهام دون احترام لقرينة البراءة”.
وقالت إنّ “الأبحاث خُتمت بتوجيه تهم تتعلق بتكوين وفاق إرهابي والتآمر على أمن البلاد وارتكاب فعل موحش في حق رئيس الجمهورية وغيرها من التهم التي تصل عقوبتها حد اﻹعدام. كما رافق صدور تقرير ختم الأبحاث جدل عمومي واسع حول موعد إصداره وحول شروط المحاكمة العادلة، فضلًا عن التلاعب الصارخ بالإجراءات القانونية وبأبسط قواعد الدفاع”
وذكرت الديناميكية النسوية أنّ “السلطة السياسية التي وضعت يدها على القضاء لم تقدم أي أسانيد فعلية أو قانونية قد تفضي إلى اتهام المناضلة النسوية الحقوقية بشرى بلحاج حميدة التي حشرت حشرًا في هذا الملف”، وفق توصيفها، معتبرة أنّ ذلك “يدلّ عنه تقرير ختم الأبحاث الذي يبرئها في فقرة وينفي عنها كل التهم، وذلك، لغياب الحجج والقرائن بما يتّجه إلى حفظ التّهم الموجّهة إليها”، وفقه.
واستدركت أنه “تمّ بعدها توجيه 17 تهمة لها، وهو ما يؤكد تخبط القضاء وتضارب التعليمات التي تصله في وقت يتمّ التنكيل فيه بكل القضاة الذين يحاولون الحفاظ على شيء من الاستقلالية”، وفق تعبيرها.
وعلى هذا الأساس، شددت الديناميكية على أنّ “العناصر التي بني عليها اتّهام المناضلة النسوية بشرى بلحاج حميدة تفتقد للجدّية ومبنية على تأويلات وأقاويل وأباطيل جاءت في شهادة زور الغاية منها التشويه والشيطنة وإخراس صوت مختلف دافع وترأس لجنة الدفاع عن استقلالية القضاء ورفض حل المجلس الأعلى للقضاء إثر 25 جويلية لأن عملية الإصلاح لا تكون عبر هدم المؤسسات التي اعتبرت مكسبًا لثورة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية التي عرفتها البلاد”.
وأكدت أنه تم “اللجوء إلى توجيه التّهم دون تقديم الأدلة والحجج والقرائن الجدية في ظل غياب ما يثبت وجود أي ترابط بين بشرى بلحاج حميدة وبقية من زج بهم في هذا الملف عدا علاقة الصداقة والتواصل التي تربطها بشيماء عيسى التي احتفظ بها لأشهر في السجن على خلفية هذا الملف”.
كما شددت الديناميكية على أنّ “الاستنتاج الذي بلغ له تقرير الأبحاث بأن بشرى بلحاج حميدة، إرهابية ومتآمرة بناء على “ما قاله فلان نقلًا عن فلان” دون تقديم دليل قطعي وجازم، يثير الاستغراب والاستهجان، خاصّة، وأن المواقف السياسية والمجتمعية التي تتبناها معلومة، وتتّجه إلى الدفاع عن القيم الدّيمقراطية والإنسانية والجمهورية والتداول السلمي على السلطة، وجميعها قيم تتعارض تمامًا مع “الفكر الإرهابي”، حسب ما جاء في نص البيان.
وفي سياق متصل، أكدت أنّ “جمع مختلف الأسماء التي وردت في تقرير ختم الأبحاث بتنوّعها وعلى اختلافها وتباين توجّهاتها السياسية في سلة واحدة، يندرج ضمن استراتيجية سياسية شعبوية الغاية منها التضليل وتحفيز الانفعال وتوجيه المنازعة السياسية نحو مسائل أخلاقية بين من تمّ نعتهم بالخونة ومن تمت تسميتهم بالوطنيين، بما ييسر طمس الحدود والاختلاف في الرؤى المجتمعية والسياسية المتناقضة والمتباينة بين الفرقاء السياسيين، وذلك، بهدف تعبئة الجموع وتبرير التجاوزات الحاصلة وضياع الحق في متن ضبابية لا متناهية”.
كما أكدت الديناميكية النسوية أن “الاتّهامات التي وجّهت للمناضلة النسوية والحقوقية بشرى بلحاج حميدة تأتي في مناخ انفعالي شعبوي وضمن سياق يستهدف المعارضة وكل النشطاء في الحقلين المدني والسياسي تمهيدًا لإلغاء دور الأجسام الوسيطة ومزيد إضعاف الإعلام بهدف تدعيم ركائز نظام حكم فردي كلياني متسلط يجمّع كل السلطات في يد واحدة وفق مقتضيات دستور تمّ وضعه للغرض”.
وشددت الديناميكية النسوية على استعدادها التام للدفاع القانوني والنضال الحقوقي بكل الوسائل المشروعة عن براءة بشرى بلحاج حميدة وحقّها في المعارضة وفي الاختلاف، وعن قضاء مستقل وناجز، وعن دولة القانون والمؤسسات، وعن حياة سياسية تعدّدية تكفل وجود معارضة فعلية تتمتع بحرية النشاط المدني والسياسي السلمي، وفق تعبيرها.
كما نددت بـ”محاكمات الرأي السياسية التي تستهدف رموز النضال الحقوقي والسياسي بهدف عزلهم عن المجتمع وتغييب دورهم في ساحات النضال الدّيمقراطي والحقوقي والاجتماعي والسياسي”، مؤكدة “رفضها القطعي لسوء استخدام السلطة وتطويع القضاء ومؤسسات الدّولة وتدجين الإعلام وإدارة الصراع بوسائل القوة والقمع بدلًا عن الحوار السلمي وقواعد الحق والعدالة والديمقراطية”.
ودعت، في ختام بيانها، كافة المنظمات النسوية والحقوقية والاجتماعية والشبابية والثقافية إلى “توحيد جهودها وتعزيز تضامنها والوقوف صفًا واحدًا من أجل الدفاع عن مكتسبات الثورة وعدم التفريط فيها، وعلى رأسها حرّية الرأي والتعبير والصحافة والنشر، بهدف إرساء القيم الديمقراطية والتعدّدية وتعزيزها بما يضمن استقرار تونس ووحدة التونسيات والتونسيين”، وفق تعبيرها.
التعليقات