مع اقتراب موعد استكمال الآجال القانونية للإيقاف التحفظي جدّت تطورات في السير الإجرائي في قضية “التامر”، التي اعتبرتها هيئة الدفاع عن المعارضين الموقوفين “تلاعبًا إجرائيًا”، وذلك بإرجاع الملف لقاضي التحقيق دون توجيهه لمحكمة التعقيب، رغم تقدم الهيئة بطلب إحالته إلى محكمة التعقيب في الآجال القانونية، وذلك في خرق لأحكام الفصل 261 من مجلة الإجراءات الجزائية.
- علامَ ينصّ الفصلان 85 و261 من مجلة الإجراءات الجزائية؟
وينص الفصل 85 من مجلة الإجراءات الجزائية على أنّه: “يمكن إيقاف المظنون فيه إيقافًا تحفظيًا في الجنايات والجنح المتلبس بها، وكذلك كلما ظهرت قرائن قوية تستلزم الإيقاف باعتباره وسيلة أمن يتلافى بها اقتراف جرائم جديدة أو ضمانًا لتنفيذ العقوبة أو طريقة توفر سلامة سير البحث. والإيقاف التحفظي (..) لا يجوز أن يتجاوز الستة أشهر”.
ويضيف أنه “إذا اقتضت مصلحة البحث إبقاء المظنون فيه بحالة إيقاف، يمكن لقاضي التحقيق بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية وبمقتضى قرار معلل، تمديد فترة الإيقاف بالنسبة إلى الجنحة مرة واحدة لا تزيد مدتها على ثلاثة أشهر وبالنسبة إلى الجناية مرتين لا تزيد مدة كل واحدة على أربعة أشهر”.
ويحيل هذا الفصل إلى أنّ الآجال القانونية لفترة الإيقاف التحفظي بعد التمديد فيها لمرتين لا تتجاوز 14 شهرًا، بما يستوجب الإفراج عن الموقوفين على ذمة الملف.
فيما ينص الفصل 261 من المجلة ذاتها على أنه “يرفع الطعن بالتعقيب بعريضة كتابية تقدم مباشرة أو بواسطة محام إلى كتابة محكمة التعقيب والكاتب الذي يتلقاها يوقع عليها وينص على تاريخ تقديمها ويقيدها بالدفتر حالًا ويسلم وصلًا فيها متضمنًا لتاريخ تقديمها ويعلم بها حالًا المعقب ضده”.
- هيئة الدفاع: المعارضون الموقوفون يعتبرون في حالة احتجاز تعسفي بداية من يوم 19 أفريل
وقد أكدت هيئة الدفاع عن السياسيين المعارضين الموقوفين فيما يعرف بالقضية الأولى تحت عنوان شبهة “التآمر”، مساء الأحد 14 أفريل 2024، أنّها تعتبر أنّ المعارضين الموقوفين في حالة احتجاز تعسّفيّ بدايةً من انقضاء أجل الأربعة عشر شهرًا دون إحالة على الدّائرة الجنائيّة بالمحكمة الابتدائيّة بتونس.
وتحدثت الهيئة، في بيان لها، عن “حصول تلاعب بالإجراءات” في القضيّة، وهو ما كانت حذّرت منه في بلاغها العاجل الصّادر بتاريخ 5 أفري 2024″.
وأضافت أنها عاينت مماطلةً كبيرة وتعلّلاً بنقص الموظّفين لتبرير عدم القيام وبشكل فوري باسترجاع الملف من قاضي التّحقيق الذي وُجِّه إليه في إطار “خطأ مقصود” خارج التوقيت الإداري على خلاف ما تقتضيه الإجراءات العادية المتّبعة كلّما كان هناك طعن بالتّعقيب، وذلك “رغم إقرار الجهات القضائيّة التي تواصلت معها بأنّ الملف الذي تمّ تعقيب قرار دائرة الاتّهام الصّادر فيه، ما كان له أن يوجّه لقاضي التّحقيق خارج التوقيت الإداري في خرق فاضح للفصل عدد 261 من مجلة الإجراءات الجزائية الذي يوجب توجيهه لمحكمة التّعقيب” وفق نص البيان.
ونبهت الهيئة إلى أنّ “أيّ حلّ ترقيعي يتمّ اللّجوء إليه سيكون باطلاً بطلانًا مطلقًا وسيمثّل خرقًا إجرائيّا فظيعًا وغير قابل للتّبرير، ومواصلةً للدّوس على الإجراءات وعدم احترام حق الدّفاع”.
كما اعتبرت أنّ “أيّ عمل يقوم به قاضي التّحقيق هو عمل باطل بطلانًا مطلقًا، وهو عمل غير قانوني بشكل متعمّد بعد أنّ تمّ التّنبيه عليه كتابيًّا بتاريخ 5 أفريل 2024 بالامتناع عن أيّ عمل من أعمال التّحقيق، وعن إصدار أيّ قرار في الملفّ تبعًا لخروج الملفّ عن أنظاره بموجب الطّعن بالتّعقيب في التاريخ نفسه، والموجب حسب الفصل 261 من مجلّة الإجراءات الجزائيّة لتوجيه الملفّ فورًا إلى محكمة التّعقيب”.
وشدّدت الهيئة على أن “إضافة أيّ وثيقة للملفّ أو اتّخاذ أي قرار فيه بتاريخ لاحق ليوم 5 أفريل 2024 هو في حكم التّدليس المعنوي الموجب للتّشكّي الجزائي وهو ما ستباشر الهيئة تتبّع المسؤول عنه بمجرّد حصوله”.
وحمّلت الهيئة الوكالة العامّة لدى محكمة الاستئناف مسؤوليّة ما يطال هذا الملفّ ممّا أسمته “تلاعبًا إجرائيًّا”، مذكّرةً الوكيل العام بالواجب المحمول عليه بنص الفصل عدد 24 من مجلة الإجراءات الجزائية والمتمثل في تكليفه بالسّهر على تطبيق القانون الجنائي بكافة المحاكم التابعة له، واعتبرت أنه “من باب أولى ألاّ يتورّط هو كوكيل عام في خرق الإجراءاتّ”، حسب ما ورد في نص البيان.
التعليقات