تحلّ رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، اليوم الأربعاء، في زيارة إلى تونس هي الرابعة في أقل من عام، وهي الأولى ضمن خطة ماتي.وسيتم التوقيع على ثلاث اتفاقيات وهو جزء من خطة ماتي -وفق وكالة نوفا الإيطالية- ويتعلّق الاتفاق الأول بشأن الدعم المباشر لميزانية الدولة التونسية لدعم كفاءة الطاقة والطاقة المتجدّدة.
وستكون الاتفاقية الثانية مخصّصة لإنشاء خط ائتماني للشركات التونسية الصغيرة والمتوسطة الحجم، كما سيتم توقيع مذكّرة تفاهم بين وزارة الجامعات والبحث الإيطالية ونظيرتها التونسية التي ستوفّر إطار التعاون في هذا المجال بين البلدين.ووفق ما نقلت نوفا عن المصادر الإيطالية فإنّ زيارة ميلوني ستسمح بمواصلة الحوار مع الرئيس التونسي قيس سعيّد حول المجالات الرئيسية للتعاون الثنائي؛ تنفيذ خطة ماتي لإفريقيا، والتعاون في مجال الهجرة وعملية روما، والتعاون في مجال الطاقة والاقتصاد.
ويظل التعاون في مجال الهجرة جانبا أساسيا من العلاقة بين إيطاليا وتونس، وما يزال هناك دعم قوي على المستوى الثنائي ومستوى الاتحاد الأوروبي للجهود الجارية على الجانب التونسي.وأكّدت المصادر نفسها الضرورة أن تواصل السلطات التونسية عملها لمكافحة التهريب والاتجار بالبشر واحتواء عمليات المغادرة غير النظامية.وتأتي زيارة ميلوني لمواصلة التنسيق مع رئيس الدولة قيس سعيّد، حول اتفاقية الهجرة رغم ما خلّفته من انتقادات من قبل برلمانيين أوروبيين ومنظمات حقوقية على خلفية ما تعرّض له المهاجرون قبل أشهر.كما يتّهم برلمانيون أوروبيون سعيّد بأنّه يؤسّس لحكم دكتاتوري على خلفيّة إيقاف عديد المعارضين السياسيين ونقابيين وإعلاميين ومحامين بسبب انتقادهم سياسته.ويرى برلمانيون أوروبيون أنّ اتفاقية الهجرة الموقّعة مع تونس تعدّ مكافأة لسعيّد الذي يتّهمونه بالعمل على تفكيك الديمقراطية التونسية، إضافة إلى التشجيع على تزايد الانتهاكات ضد المهاجرين في تونس. وفي سبتمبر الماضي رفضت السلطات التونسية السماح لخمسة أعضاء في البرلمان الأوروبي بدخول البلاد، رغم أنّهم كانوا في مهمة رسمية لتقييم الوضع السياسي في البلاد، وذلك عقب بعثة تقصّي حقائق في وقت سابق من 2023 وجدت “تراجعا سياسيا”، بشأن المعايير الديمقراطية وحقوق الإنسان”.
وكان من المقرّر أن يجتمعوا مع المنظمات غير الحكومية التونسية والنقابات العمالية وزعماء المعارضة.وطالبت لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي بـ”تفسير مفصّل” من حكومة سعيّد، مندّدة بتصرّفاتها ووصفتها بأنّها “غير مسبوقة منذ الثورة الديمقراطية عام 2011”.ويعتبر برلمانيون أوربيون ومنظمات حقوقية أنّ هذه الحادثة كشفت عن المعايير المزدوجة التي تكمن في قلب سياسة الهجرة التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي. وكثيرا ما قال القادة الأوروبيون الذين يدعمون اتفاقيات الهجرة الأخيرة إنّها على الرغم من أنها غير مثالية فإنّها تمنح الاتحاد الأوروبي القدرة على إثارة المخاوف بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية مباشرة مع قادة مثل سعيّد والسيسي، لكن الأدلة حتى الآن تظهر أنّ نفوذ أوروبا في تونس انخفض، ولم يتزايد منذ إبرام الصفقة.
وتعكس كل هذه الصفقات تحوّلات زلزالية جارية في سياسة الهجرة التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي. وقبل أيام، وافق البرلمان الأوروبي أخيرا، بفارق ضئيل، على مجموعة من القوانين المعروفة مجتمعة باسم الميثاق الجديد بشأن الهجرة واللجوء، والذي من شأنه أن يقيّد بشكل كبير دخول المهاجرين وطالبي اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي.وتمّت الموافقة على التغييرات الشاملة لقواعد الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة واللجوء من قبل البرلمان الأوروبي بينما هتف المتظاهرون في الشرفة العامة: “هذه الاتفاقية تقتل! صوتوا بـ”لا”! وقد ندّدت منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ولجنة الإنقاذ الدولية، بالقوانين الجديدة، التي استغرق التفاوض عليها ما يقرب من عقد من الزمن، باعتبارها تمهد الطريق لمزيد من معاناة المهاجرين واللاجئين والمزيد من الانتهاكات لحقوقهم الإنسانية.وستنشئ الاتفاقية، التي ستدخل حيّز التنفيذ في عام 2026، “مراكز حدودية” جديدة للاتحاد الأوروبي لاحتجاز طالبي اللجوء، حيث يمكن فحصهم بسرعة وترحيلهم (على الأرجح). وباسم “تنظيم الأزمات”، سيُسمح للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تستقبل “تدفّقا جماعيا” للمهاجرين وطالبي اللجوء -على الرغم من أنّ هذه العتبة محدّدة بشكل غامض في القوانين الجديدة- بتعليق بعض الحقوق الأساسية، “الاقتراب من إضفاء الشرعية”، والحرمان من حق اللجوء”، كما تحذّر هيومن رايتس ووتش. وبموجب المعاهدة، يمكن للدول الأوروبية التي ليست دولا حدودية تجنّب استقبال طالبي اللجوء في دول مثل إيطاليا واليونان من خلال المساهمة بدلا من ذلك في ما يسمّى “صناديق التضامن”. ويمكن استخدام الأموال لبناء مراكز احتجاز على حدود الاتحاد الأوروبي أو لتمويل مراقبة الهجرة خارج الاتحاد الأوروبي، في شكل اتفاقيات تونس ومصر.وسيُسمح للمسؤولين الأوروبيين أيضا بجمع البيانات البيومترية، بما في ذلك بصمات الأصابع وصور الوجه، من الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم ستة أعوام.واتّهم خبراء الاتحاد الأوروبي، الذي وقع في الآونة الأخيرة اتّفاقيتين مع موريتانيا ومصر، بالتغاضي عن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان.
التعليقات