رفض الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس تسلم جائزة من الامارات ب 200 الف اورو. وكتب الدكتور رفيق عبد السلام على صفحته ” الرسمية في الفاسبوك .
انحاز الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس في نهاية المطاف لمبادئه والقيم الفلسفية التي دافع عنها طيلة حياته، فرفض الجائزة المسمومة التي تمنحها الامارات لأهم شخصية ثقافية لعام 2021 بقيمة تزيد عن 200 الف يورو تقريبا، وذلك احتجاجا على ما اعتبره انحراف الحكم في ابو ظبي ونأيا عن القيم الديمقراطية التي ظل يدافع عنها وينظر لها طيلة حياته.
ليس سرا كون الامارات العربية عملت وما زالت تعمل على تقويض ثورات الشعوب العربية وتخريبها بقوة السلاح والاعلام والمال، مثلما لم تدخر جهدا في دعم كل أشكال الدكتاتوريات والتسلطيات القديم منها والجديد، على نحو ما رأينا ذلك في مصر وليبيا واليمن وسوريا وتونس وغيرها.
بموازاة ذلك سخرت أبو ظبي إمكانيات مالية ضخمة لأحداث اختراق في النسيج الأكاديمي والفكري والفني والثقافي الغربي، وقد تمكنت من استمالة لوبيات ضاربة في مراكز التفكير والدراسات وشراء ذمم أكاديميين وخبراء وإعلاميين ومثقفين وفنانين. كل ذلك من أجل ترويج سرديتها الخاصة والتي ملخصها أن أفضل ضمان للاستقرار في الشرق الأوسط هو فرض أنظمة سلطوية ومحاربة ما تصفه بالاسلام سياسي ( كل من يدافع عن مشروع التحرر هو اسلام سياسي ومتطرف بمنظار ابوظبي)، وأن الديمقراطية لن تجلب غير الخراب والفوضى وصعود الاٍرهاب ، وذلك في اطار من التحالف مع اللوبيات اليمينية المتطرفة والقوى الصهيونية المتنفذة بخلفية توجيه النخب ودوائر القرار، وتشكيل رأي عام غربي ضد التوجهات الإصلاحية والديمقراطية في المنطقة.
يعد هابرماس البالغ اليوم زهاء 91 سنة واحدا من القامات الفكرية البارزة ، إن لم أقل أهمها على الإطلاق في عصرنا الراهن، وهو سليل مدرسة فرنكفورت الشهيرة التي كان من رموزها فلاسفة وعلماء اجتماعيين أمثال هوركهايمر وادرنو و ماركوز وغيرهم، وكان لهؤلاء دور مشهود في تجذير الفكر النقدي وتعرية الأسس السياسية التي تقوم عليها الأنظمة الشمولية والتحكمية مثل النازية والفاشية والشيوعية .
التعليقات