أفاد مرصد رقابة أن غياب المحكمة الدستوريّة إلى الآن في تونس، التي ينتظرها استحقاق انتخابي هام، تسبّب في هشاشة المنظومة القانونيّة والسياسيّة ومس الاستقرار السياسي للبلاد.
ونشر المرصد اليوم الخميس تقريرا حول أسباب تواصل غياب المحكمة الدستورية واستتباعات ذلك.
وأشار المرصد إلى أن هذا التقرير يأتي بمناسبة قُرب موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي.
ولفت إلى أنه طرح موضوع غياب المحكمة الدستورية وأثر ذلك في المنظومة القانونية لضمان أوفر الشروط لانتخابات شفافة ونزيهة تحقق الشرعية القانونية والمشروعية اللازمَة.
بالإضافة إلى الضمانات التي تخوّلها المحكمة في مجال الحقوق والحريّات التي يضمنها الدستور وتخرقها قوانين ومراسيم على غرار المرسوم عدد 54.
وأرجع تقرير المرصد غياب المحكمة الدستوريّة أساسا إلى عدم إصدار القانون المتعلق بتنظيم المحكمة الدستوريّة والذي من الفروض أن يصدر قبل تعيين قضاتها لتحديد الإجراءات والآجال والضمانات اللازمة لاستقلاليتها وحسن أداء مهامها.
كما أنه ورغم تبسيط إجراءات التعيين من بين القضاة الأقدم في الدوائر التعقيبية للأقضية الثلاث (عدلي وإداري ومالي)، ورغم إعلان رئيس الجمهورية منذ جويلية 2022 عن ضرورة الإسراع في إعداد مشروع القانون المنظم للمحكمة الدستورية واعتبار النواب ورئيس مجلس نواب الشعب أن هذا القانون هو من أولويات المجلس، فإنه لا أثر لأي مبادرة تشريعية في الغرض لا من رئيس الجمهورية ولا من النواب.
ولفت المرصد إلى أن ذلك يتزامن مع الصعوبات التي يشهدها القضاء في ظل تعطيل المجلس الأعلى للقضاء المؤقت والشغوارات الحاصلة بمجلس القضاء العدلي والتغييرات الحاصلة بالدوائر التعقيبية بمحكمة التعقيب التي “لا نظنها بمعزل عن مسألة تعيين أعضاء المحكمة الدستورية.”
واعتبر التقرير أن البلاد تعيش فراغا دستوريا في مجالات الرقابة على المراسيم والتشريعات، منذ صدور دستور 2022 خلافا للدور المنوط بعهدتها في الأنظمة المقارنة في حراسة الشرعية الدستورية، بما يعنيه ذلك من توفير آلية عليا لفض النزاعات القانونية وضمان تناسق المنظومة القانونية واستقرارها، ما يؤدي الى المساهمة في الاستقرار السياسي بالاحتكام إلى جهة قضائية مخولة.
إضافة إلى ما قد يعهد أيضا إلى المحكمة الدستورية من التحكيم في بعض نزاعات الاختصاص بين السلطات العليا في الدولة، أو الحسم في النزاعات الانتخابية باعتبارها هيئة قضائية عليا.
وجاء في التقرير: “ورغم اعتراف المعارضة في البداية بمسار وضع الدستور والمؤسسات المنبثقة عنه، يدعو جزء من المعارضة إلى إرساء المحكمة الدستورية، وهي من الإجراءات التي طالبت بها لتنقية المناخ السياسي، وإعداد البلاد لانتخابات رئاسية نهاية السنة”.
وتابع التقرير: “من بين النصوص القانونية التي أثارت جدلا تجدر الإشارة إلى المرسوم 54 الذي اعتبر أنه يمس بحقوق الأفراد وحريّاتهم من طرف جهات عدّة، وتم استعماله بصفة مكثفة منذ صدوره، واعتبر أن ذلك كان لمحاصرة حرية التعبير لدى فئات مختلفة من سائر المواطنين والإعلاميين والسياسيين في هذا الإطار كان بإمكان وجود المحكمة الدستورية أن يحسم الجدل بواسطة الدعوى المباشرة عن طريق الدفع أمام المحاكم.
وبيّن المرصد أن الانتخابات الرئاسيّة المتوقع إجراؤها في أكتوبر 2024، تشهد جدلا كبيرا حول مدى توفّر الظروف الملائمة لتنظيمها من حيث النزاهة والشفافية، بالنظر إلى التحويرات التي مسّت القانون الانتخابي والقانون المنظم لهيئة الانتخابات.
يضاف إلى ذلك، وفق التقرير، ما قد تلجأ إليه هذه الهيئة من قرارات ترتيبية، لتوضيح شرط الترشح بناء على التغييرات الدستورية التي تخص شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، والتي قد تكون مناسبة للتضييق على الترشح بإضافة شروط أو التوسع في ما لم يقره الدستور والقانون.
ولفت التقرير إلى أن هذه المسألة، وإن كانت تخرج عن مجال اختصاص المحكمة الدستورية وتدخل في مجال اختصاص القضاء العادي، فإن وجود هذه المحكمة كان بإمكانه أن يساهم في توضيح مدلول النصوص ومراميها ويكون حاجزا نفسيا مهمّا ضد التجاوزات المحتملة.
كما أن المحكمة قد تكون حاجزا بواسطة الرقابة عن طريق الدفع.
التعليقات