نشر حزب العمال بيانا جاء فيه :
صرّح المستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة لإحدى وكالات الأنباء الأجنبية ما مفاده أنّ نية الرئيس تتجه إلى مراجعة النظام السياسي نحو نظام رئاسي يُعرض على الاستفتاء الشعبي، وهو ما يعني فعليا المرور نحو تعليق العمل بالدستور واعتماد آليات أخرى (دستور صغير…) لتسيير الدولة. وكما هو معلوم فإنّ قيس سعيد ظل يردّد أنّ أزمة تونس تعود إلى نظاميها السياسي والانتخابي، وأنّ أفضل النظم حسب زعمه هو النظام الرئاسي مع سحب الأحزاب من الحياة السياسية واعتماد التصويت على الأفراد محليا والانتخاب غير المباشر للهيئات التمثيلية الجهوية والوطنية. ويستغل سعيد نقمة الشعب وسخطه على منظومة الحكم التي سيطرت منذ 2011 وولّدت الأزمات العميقة والشاملة التي ضاعفت بؤس الشعب وشقاءه وفساد مختلف أجهزة الدولة ورهنت الوطن للأجنبي وعمقت تبعيته، من أجل تمرير تصور للحكم لن يؤدّي إلاّ إلى مزيد تدمير الحياة العامة وإعادة الاستبداد والحكم الفردي بعناوين شعبوية خاوية. إنّ حزب العمال الذي اعتبر إجراءات رئيس الدولة يوم 25 جويلية المنقضي انقلابا واضحا على المبادئ الديمقراطية والتقاطا للحظة المناسبة للالتفاف على مطالب الشعب الغاضب من أجل إنقاذ النظام الطبقي القائم والانتقال بالسلطة من شكل ديمقراطي تمثيلي فاسد إلى شكل شعبوي فردي مستبد، فإنه:
– يجدد قناعته بأنّ أزمة تونس ليست في نظامها السياسي ولا الانتخابي في حد ذاتهما، بل في طبيعة منظومة الحكم وخياراتها اللاوطنية واللاشعبية التي تحيّلت على الشعب من خلال انتخابات فاسدة محكومة ببارونات المال والإعلام ومافيات اقتصاد الجريمة والدولة العميقة واقتصاد الريع التي وضعت يدها على مجمل أجهزة الحكم محافظة على جوهر التوجهات التي ظلت تحكم تونس منذ عقود.
– يعتبر أنّ الاتجاه نحو تغيير النظام السياسي بقرار فردي، اعتباطي دون احترام الآليات القانونية وعبر استغلال أجهزة الدولة واحتكار كامل السلطات وتجييش الرأي العام يجعل من هذه العملية خطوة متقدمة في مسار الانقلاب وطعنا إضافيا لتطلعات شعبنا في نظام سياسي أكثر ديمقراطية وشفافية وتعبيرا عن الإرادة الشعبية الحرة. – يعتبر أنّ النظام الرئاسي لم يكن أفضل الأنظمة ولا أقربها إلى الديمقراطية، بل على العكس من ذلك فهو أقربها إلى الاستبداد والحكم الفردي، وأنّ علل النظام السياسي التونسي الذي اعتمده دستور 2014 تعود أساسا إلى طبيعة القوى السياسية التي صعدت إلى البرلمان وهي قوى في غالبها الساحق فاسدة وتابعة ولا ديمقراطية ومعادية لمطالب الشعب علاوة على أنها لم تولد من رحم الثورة بل تنتمي عموما إلى قوى الثورة المضادة.
– يعتبر أنّ التلويح بتعليق الدستور واعتماد قانون مؤقت للسلط العمومية وتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد بقرار فردي بائس وتعيس، هو عملية خطيرة تفتح الباب للانفراد التام بالسلطة والالتفاف على تطلعات شعبنا ومكاسبه بما فيها التي حملها دستور 2014 والتي فرضها النضال الشعبي والديمقراطي ونخص بالذكر المكاسب المتعلقة بالحقوق والحريات ومدنية الدولة واستقلالية القضاء والاحتكام إلى هيئات رقابية وتعديلية.
– يدعو كل القوى التقدمية من أحزاب ومنظمات وشخصيات إلى الوعي بخطورة ما يرتب في المكاتب المغلقة لأجل تمرير نظام استبدادي ودكتاتوري، كما يدعوها إلى توحيد الجهود من أجل التصدي لأي ترتيبات محلية وإقليمية ودولية تهدف سواء إلى العودة إلى ما قبل 25 جويلية 2021 أو إلى ما قبل 14 جانفي 2011. إنّ إنقاذ تونس وتحقيق أهداف ثورة الحرية والكرامة يبقى رهين قدرة الشعب التونسي وقواه الحية على تجاوز المنظومة الطبقية الحالية برمتها التي تسبب الدمار والخراب للشعب والبلاد.
التعليقات