كشف موقع “أفريكا إنتليجنس” الفرنسي، عن حالة غضب كبيرة لدى الجيش والمخابرات المصرية من تغول الاستحواذات الإماراتية على قطاعات واسعة من الاقتصاد المصري وخاصة في قلب القاهرة وقناة السويس، الممر الاستراتيجي الهام مصريا وعالميا.
وقال الموقع، في تقرير نشره الأسبوع الماضي، أكد أن رئيس النظام عبدالفتاح السيسي يتعرض لضغوط من حليفه رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد، للاستحواذ على أراض ومشروعات جديدة في المنطقة الاقتصادية من قناة السويس.
وذلك إلى جانب، مناطق جديدة في قلب القاهرة منها جزيرة “الوراق”، وسط نهر النيل، ومبنى وزارة الخارجية المطل على ضفة نيل القاهرة، مع انتقال مقر الوزارة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وأيضا شركات تابعة لإمبراطورية الجيش الاقتصادية، وأهمها شركة “وطنية” للبترول.
وقال الموقع، إنه أمام ضغوط ابن زايد، فإن السيسي، في حيرة من الاستجابة لمطالب الأول، وبين الاستجابة لضغوط الجيش والمخابرات، الذين لا ينظرون بارتياح للتحمُّس الذي تبديه الإمارات في السباق بين دول الخليج على تأمين استثمارات لنفسها على ضفاف قناة السويس.
“تهديد للسيادة”
الموقع، الاستخباري الفرنسي، أكد أن الجيش والمخابرات، يرون أن “تزايد نفوذ الإمارات على هذا النحو يمثل تهديدا للسيادة المصرية في منطقة استراتيجية شديدة الحساسية”.
ووصف الإمارات بأنها أشرس المنافسين في سباق الاستحواذات على الأصول المصرية وأن “موانئ دبي” العالمية، أول من حصلت على موطئ قدم في منطقة قناة السويس عام 2018، عبر الاستثمار في ميناء العين السخنة المصري، على البحر الأحمر.
ولفت إلى أن رغبة ابن زايد، في السيطرة على شركة “وطنية” للبترول، التي تملك أصولا من الأراضي بشرق دلتا النيل، بالقرب من قناة السويس، تمكن هيئة الإمارات للاستثمار، من الاستحواذ المباشر على أصول تقع على ضفاف القناة المصرية.
وأشار “أفريكا إنتليجنس”، إلى أن السيسي، في حاجة كبيرة للأموال بفعل الديون المتفاقمة، لكنه لم يجب على السؤال: هل يخضع السيسي لمطالب ورغبات وأطماع ابن زايد في قناة السويس وشركات الجيش وبمناطق القاهرة الهامة، أم يرضخ لضغوط المخابرات والجيش؟
كما أن الموقع الفرنسي المتخصص في أخبار قارة أفريقيا، لم يقدم أيضا إجابة عن السؤال الهام هنا، وهو: هل يتحرك الجيش المصري لوقف أطماع ابن زايد في شركاته وبقناة السويس وقلب القاهرة؟
“عربي21″، طرحت تلك التساؤلات على خبراء ومختصين، أكدوا أن بقاء السيسي، بالحكم يعني الاستمرار في التنازل عن الأصول المصرية الاستراتيجية للإمارات، وأن من يعترض من الجيش والمخابرات سيلقى مصير سابقيه من القادة الذين اعترضوا على سياسات السيسي أو قرروا منافسته.
“مخططات التخريب”
الباحث المصري في الشؤون الأمنية أحمد مولانا، وفي رده على تساؤلات “عربي21″، قال إنه “في حال بقاء السيسي في الحكم رغم تخريبه للاقتصاد المصري، فإنه سيكمل في مخططات بيع الأصول المصرية للشركات الإماراتية”.
وأكد مولانا أن “البديل لوقف الأزمة هو إحداث انفتاح اقتصادي، وحياة ديمقراطية حقيقية تنهض بالتعليم والاقتصاد، وهو ما لن يسمح به (السيسي) طالما ظل في منصبه”.
وفي تقديره لاحتمالات تماهي الجيش مع مواصلة النظام السماح بالاستحواذ الإماراتي على الأصول الاستراتيجية أو رفض تلك الاستحواذات ومقاومتها وخاصة مع الطمع الإماراتي في شركات الجيش نفسه، وفي أراضيه بقناة السويس، فيعتقد مولانا أن “الجيش سيمررها لهيمنة السيسي الكاملة عليه”.
ويعتقد الباحث المصري، أن “الحالة الوحيدة (لوقف التوغل الإماراتي في مصر) هي حدوث احتجاجات شعبية تجعل السيسي يتراجع عن هذا التوجه”.
وعن ما يثار بشأن وجود حالة غضب لدى أجنحة من الجيش والمخابرات، ومدى مغامرة السيسي بتجاهل هذه الحالة إن كانت حقيقية، قال مولانا إن “السيسي يغامر طوال 9 سنوات بسحق أي معارض له”.
وأشار إلى حبس السيسي للفريق سامي عنان، إثر إعلان نيته الترشح لانتخابات الرئاسة بمواجهته، “كنموذج” لما قد يفعله السيسي بأي جناح مخالف له بالأجهزة الأمنية وفي الجيش.
ولفت مولانا، إلى سياسة السيسي المعروفة بأنه” يجري تغييرات دورية، ويزيح أي شخص يشم منه رائحة انزعاج”.
“ضغوط إماراتية”
وكان موقع “مدى مصر”، قد أشار في تقرير له في تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، إلى أن الإمارات تمارس ضغوطا على مصر على عكس أدوار الدعم السابقة.
وقال الموقع، نقلا عن مصادر خاصة به، إن الإمارات التي لعبت دور الضامن لمصر لدى صندوق النقد الدولي في قرضي عامي 2016 و2020، رفضت القيام بهذا الدور بمشاورات القرض الحالي، الذي تطلبه مصر منذ مارس الماضي.
وقال الموقع: “والأسوأ من ذلك، أن الإمارات ضغطت على صندوق النقد الدولي لاتخاذ موقف حازم في المشاورات حيال انخراط الجيش في الاقتصاد، والإصرار على تحرير سعر صرف قيمة الجنيه المصري كليا”.
“صراع خفي”
وفي رؤيته، قال رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، عمرو عادل: “لا توجد مفاجآت حول سعي الإمارات منذ فترة ليست بالقليلة للسيطرة الاستراتيجية على مسارات التجارة البحرية في مصر واليمن والخليج العربي”.
وأضاف لـ”عربي21″ أن “هذا الأمر شديد الوضوح للجميع”، مبينا أن “الأنظمة والشعوب المدركة لخطورة هذا الأمر على الأمن القومي لبلادها لا تقبل أبدا بمثل هذه التدخلات والسيطرة من نظام آخر على ملفات الأمن القومي”.
وتابع: “إلا أنني أستغرب من هذه المعلومات عن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية؛ لأنها لم تحرك ساكنا عند التحالف المعلن مع العدو الصهيوني، ولم تحرك ساكنا عندما خسرنا ماء النيل، ولم تحرك ساكنا عند إغراق مصر في الديون، ولم تحرك ساكنا أيضا عندما تم التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير”.
وتساءل السياسي المصري: “فهل ما يحدث (تغول الإمارات على الاقتصاد المصري واستحواذاتها على مناطق وشركات استراتيجية) أصبح مفاجأة لهذه الأجهزة الأمنية الآن؟”.
وأجاب بالقول إن “النظام المصري الحالي بأكمله لا يكترث لمصر ولا شعبها ولا أمنها؛ وأخشى أن تكون هذه التسريبات لإظهار وجود الرجل الطيب (السيسي) بنظام لا يوجد به إلا الأشرار”.
والأرجح وفق عادل، أنه “لو صحت هذه الأخبار فإن ما يجري هو صراع على شيء ما، لا نعرفه، يلبس عباءة الخوف على الوطن من أجهزة لم نر منها إلا ما يجعلنا نوقن بخيانتها لمصر وشعبها”.
“تغول إماراتي”
الاستحواذ الإماراتي على الاقتصاد المصري يتزايد بشكل مطرد، مشكلا إمبراطورية في قطاعات الصحة والتعليم والتجارة والمصارف، وغيرها.
وهناك 5 بنوك إماراتية تعمل في مصر، هي: “أبوظبي الأول”، و”أبوظبي التجاري”، و”الإمارات دبي الوطني”، و”أبوظبي الإسلامي”، و”بنك المشرق”.. لتصبح الإمارات صاحبة العدد الأكبر للبنوك الأجنبية بالقطاع المصرفي المصري، بحسب موقع “مصراوي” المحلي.
العربي 21
التعليقات