تشهد البلاد منذ أيام نقصا فادحا في مادة الخبز، إذ يصطف التونسيون يوميا في طوابير للحصول عليه ما جعل عديد الأطراف السياسية والناشطة في الحقل الاقتصادي تعتبر أن ما يحدث أزمة حقيقية.
أزمة كشفت أيضا عن وجود احتقان وغضب شديدين في الشارع التونسي وحالة استياء عامة من طريقة معالجة المنظومة الحاكمة الحالية لواحد من أشد الملفات خطورة وتأثيرا على عيش التونسيين وهو الملف الاقتصادي.
كما كشفت الأزمة عجز الماسكين بزمام الحكم من تقديم رؤية سياسية اقتصادية واضحة المعالم للمرحلة القادمة والاستعانة بخبراء ومستشارين في الاقتصاد لإيجاد حلول عاجلة لنقص وفقدان المواد الأساسية من الأسواق. الشيء الذي جعل الخبير الاقتصادي رضا شكندالي، يقر بأن قيس سعيد لا يستعين بخبراء ومستشارين وكفاءات في الاقتصاد ليجد الحلول للأزمة الحالية، وإنما بقرارات شعبوية لا تؤدي لنتائج علمية وعقلانية.
وقال سعيد خلال زيارته إلى مقر وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري إن “الخبز والمواد الأساسية بالنسبة للمواطن خط أحمر”.
وتشكو المخابز نقصا في المواد الأولية، خاصة الدقيق، في ظل تراجع في المحاصيل والأزمة التي تسببت فيها الحرب الروسية في أوكرانيا.
وذكرت عديد وسائل الأعلام، في ديسمبر الماضي، رفض البواخر تفريغ حمولتها من القمح لعدم دفع ثمنها، وتعتمد تونس، على غرار دول عربية أخرى، بشدة على الواردات لتوفير الغذاء وهو ما بات صعبا بسبب الأزمة العالمية.
وشرح الخبير الاقتصادي رضا شكندالي، مسألة تراجع الثقة في تونس باعتبارها مرتبطة بتراجع التصنيفات الائتمانية الدولية من وكالات “موديز” و”فيتش” لـ Caa1 سلبي.
وهذا يجعل الثقة تتراجع فيها من قبل المصدرين الدوليين للمواد الأولية من زيوت نباتية وأرز وحبوب التي يُنتج منها الفارينة والسميد والمعجّنات وغيرها، ويضعون تونس في ذيل سلم الأولويات بالنسبة للمشترين لمنتجاتها.
وبخصوص ارتفاع الأسعار فسر الشكندالي أن القاعدة الاقتصادية تقول إنه عندما ترفع الدولة في كلفة المواد الأساسية والمحروقات يقابله منطقيا الترفيع في الأسعار، وعندما لا يحصل الترفيع في الأسعار وتقوم الدولة بتحديد الأسعار دون اعتبار ارتفاع تكاليف الانتاج يبقى أمام المنتجين والمزودين واحد من أمرين: إما إيقاف الإنتاج أو الاحتكار وتخبئة المواد حتى يرتفع سعرها، ويتم إعادة بيعها لاحقا.
أزمة خبز وارتفاع الأسعار ساهمت بشكل كبير إلى توسع دائرة الفقر في تونس لتشمل ثلث السكان (حوالي 4 ملايين فقير)، وتآكل الطبقة المتوسطة، نتيجة السياسات الاقتصادية الخاطئة وانخفاض نسبة النمو، والتداين المفرط بسبب انعدام خلق الثروة ما يجعل البلاد أمام انفجار اجتماعي وشيك.
التعليقات