تحتفل قرية المجينين سيدي عرفة في ولاية سليانة بشمال غرب تونس بتراثها الغذائي والصناعات التقليدية، وتأمل أن تصبح وجهة سياحية تكسر عزلتها وتعزز هويتها المحلية. قبل الوصول إلى القرية، يمر الزائر بطرق تمر عبر غابات الصنوبر وتتسلق التلال، حيث تظهر منازل بيضاء متناثرة على المنحدرات. هذا الطريق مليء برائحة النباتات الغابية مثل الإكليل والخلنج والزعتر.
تبدأ التجربة بإثارة الروح قبل مشاهدة منتجات الحرفيين البدويين والاستمتاع بعروض الفروسية لفرقة أولاد حنش المحلية، والتي تتألف من شباب وفتيات ماهرين، كجزء من الفعاليات الثقافية لإحياء “نهار ال?ِرش”.
الغذاء هو جزء من التراث البدوي. مراسل الأناضول وجد الأستاذ الحبيب النهدي، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية، يتجول بين منتجات الصناعات التقليدية من فخار البرامة ومنسوجات جميلة من نبتة الحلفاء الجبلية وورشات طبخ الخبز البدوي، مثل الفطائر والمبسس والطابونة.
النهدي تحدث للأناضول عن هذا المخزون من الصناعات التقليدية والأغذية البدوية التونسية في هذه المنطقة من شمال غرب تونس، مؤكدا اهتمام المعهد الوطني للتراث (حكومي) بهذه الخصوصيات المحلية المتميزة.
وأضاف النهدي أن “هذه المجتمعات، التي بدأت تتحرك داخليا على مستويات متعددة، روحانية وثقافية ودينية… والغذاء، وخاصة تظاهرة “نهار ال?رش” الذي هو استعداد لشهر رمضان، نفهم منه أن الطعام له خصوصية مرتبطة بالأعياد والأديان والطقوس”.
وأوضح النهدي أن “العولمة لا تستطيع اختراق هذا (التراث) المحلي الخصوصي، والعائلات التونسية كان لها ما نسميه بالاقتصاد المنزلي الرمزي.
وأردف: “يمكن استثمار الطعام البدوي وأصناف الخبز البدوي، مثل الطابونة والفطائر والمبسس والملاوي، في تدشين طرق سياحية”.
وأوضح أن “هناك ثلاثة مستويات للاستثمار السياحي للغذائي البدوي، أولها على المستوى المحلي وكيف نبني اقتصادا وفلاحة تعود إلى المجال البيولوجي لكي تتغذي بيولوجيا بالقمح”.
واستطرد: “لأن هناك زيت الزيتونة والعطرشية والشيح والإكليل (نباتات جبلية عطرية) وهناك النباتات الطبية، أي هناك مخزون بيولوجي مهم مرتبط بالحاجيات السياحية… فقط تكون لنا فكرة إبداعية”.
وزاد بأن “العالم الآن بدأ يبتعد عن السياحة الشكلية الثقيلة إلى السياحة البيولوجية النوعية التي لها علاقة بالروحانيات، وهناك غابات في الغرب تُزار ويجد الإنسان فيها راحته النفسية في علاقة بالغذاء، وهذا ممكن هنا في هذه الجبال الخضراء”.
أما ثالث مستويات استثمار التراث والمخزون الطبيعي، بحسب النهدي، فهي أن “هناك في الجامعة التونسية معاهد للتراث والطالب أولى له أن يقوم بمشروع في مجتمعه المحلي ويخترع الفكرة ويجسدها من خلال دعم الجمعيات الناشطة في المجتمع المحلي”.
فك العزلة بجذب السياح ياسين الوسلاتي رئيس جمعية جبل وسلات للتراث والتنمية، إحدى الجمعيات الأهلية الناشطة في الأرياف، قال للأناضول إنه “من خلال إحياء “نهار ال?ِرش” وفن الطبخ البدوي، وفق توجه إحياء الموروث والهوية الغذائية، نهدف إلى الدخول في المناطق الداخلية والتعريف بها”. وأضاف الوسلاتي أن “مناطق المجينين سيدي عرفة وبوعرادة والبرامة من ولاية سليانة معروفة بالفخار التقليدي، فقلنا لما لا نسعى لتدشين مسلك سياحي للطبخ البدوي.
التعليقات